هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 غياب الطبقة الوسطى يهز الاستقرار الاجتماعي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 150
تاريخ التسجيل : 03/01/2008

غياب الطبقة الوسطى يهز الاستقرار الاجتماعي Empty
مُساهمةموضوع: غياب الطبقة الوسطى يهز الاستقرار الاجتماعي   غياب الطبقة الوسطى يهز الاستقرار الاجتماعي Icon_minitimeالأربعاء يناير 09, 2008 8:55 am

غياب الطبقة الوسطى يهز الاستقرار الاجتماعي

تعرضت الطبقة الوسطى إلى ظلم كبير، فقد اعتبرتها الماركسية شريحة من شرائح الطبقة البورجوازية المستغلة التي لا بد من القضاء عليها بالثورة الدموية، لصالح سيادة الطبقة العاملة (البروليتاريا).
ثم تعرضت إلى ظلم أكبر في المجتمع العربي والإسلامي بعد الاستقلال عن الاستعمار الأوروبي. ولم يأت الظلم فحسب من ثوار البروليتاريا الحمر، وإنما من الطبقة الجديدة التي استولت على السلطة السياسية.

فقد تمركزت في الحكم نخبة حاكمة جديدة في هذا المجتمع، نخبة تشكل حلفاً واضحاً يضم عسكر القرى والأرياف والشريحة البورجوازية من تجار المدن الكبار. وقام هذا الحلف على أساس المصلحة المشتركة والمزدوجة: إرضاء شهوة الإثراء السريع لدى أبناء القرى والريف المتعطشين للمال وللسلطة، وإشباع غريزة الامتلاك السهل (الربح) لدى البورجوازية التجارية الكبرى.

وللتستر على استغلال السلطة والخبرة لتحقيق الثراء الفاحش، فقد تم كتم كل تطلعات الطبقة الوسطى إلى ديمقراطية القانون والمراقبة والمحاسبة. وتولت عملية القهر المؤسسة الأمنية التي باتت مع الوقت الشريك الثالث والنافذ في حلف المؤسستين العسكرية والبورجوازية.

وإذا كان فساد الثراء السريع يفرض تدمير قيم النزاهة لدى الطبقة الوسطى، فقد كان لا بد من إرضاء طبقة البروليتاريا العاملة. وتم هذا الإرضاء عبر تشغيل أكبر عدد مستطاع من قطيع الأيدي العاملة الجديدة في مصانع وشركات القطاع العام، دون أي حساب لخسائرها وتردي إنتاجها. وباتت اتحادات العمال النقابية حليفة شكلية للنظام السياسي، ومحرومة من التظاهر والإضراب والمطالبة بتحسين حقيقي لوضعها المعاش.

كان لا بد أيضا من آيديولوجيا لخدمة الطبقة البورجوازية الجديدة، طبقة الـ «نوفوريش» من ضباط العسكر والأمن والبورجوازية التجارية. ولتحقيق ذلك، تم استخدام أداتين آيديولوجيتين مختلفتين.

ففي الجزائر والمشرق العربي، استمرت استعارة شعارات الاشتراكية الماركسية عن المساواة والعدل الاجتماعي لدغدغة أحلام البروليتاريا العاملة، ولتغطية التدمير المنظم للطبقة الوسطى، ولاحتكار السلطة والمال.

أما في مصر السادات، وسودان نميري والترابي، واندونيسيا سوهارتو، فقد تم إلهاء طبقة البروليتاريا الجديدة بآيديولوجيات جديدة، آيديولوجيا غيبية متقشفة تعد بالرفاهية ليس على تراب هذه الدنيا الفانية، وإنما في أخرى مرفهة وممتعة.

وهكذا، فالانقلابات العسكرية أو التحولات الديمقراطية في اندونيسيا وباكستان وبنغلاديش والسودان.. لم تُحدث تغييراً يذكر في بنية النخبة البورجوازية الحاكمة سواء كانت مدنية أو عسكرية. جاء عبد الرحمن واحد محل الجنرال سوهارتو، والجنرال مشرف بديلا لبوتو ونواز شريف، والبشير والترابي مكان نميري والمهدي، لكن تعامل النخبة الحاكمة مع المحكومين ظل وصائياً وأبوياً وبيروقراطياً.

وهكذا أيضاً، استمر تهميش الطبقة الوسطى واختصارها وإفقارها ودفع شرائحها وفئاتها نحو القاع الاجتماعي، لتصبح هي أيضاً بروليتاريا فقيرة مجردة من الخيال وساعية دائماً للرزق والخبز.

واستمر التعامل مع البروليتاريا العمالية بالشعارات اليسارية التقليدية، ومع البروليتاريا الأصولية بإغراء الشعارات الدينية المسموح بها في المسجد والتلفزيون والصحيفة. وإذا لم ينفع الإغراء فالأداة القمعية جاهزة. فقد تمكن الجنرال مشرف بسهولة مدهشة وغير متوقعة من قمع البروليتاريا الأصولية عندما تدفقت إلى الشارع متحمسة للملا عمر وابن لادن.

لكن إذا كان الحلف الاوليغارشي ـ البورجوازي الحاكم، ما زال محافظاً على تماسكه في القمة، فالصدوع راحت تظهر وتتكاثر بوضوح في القاعدة. والسبب غياب الطبقة الاجتماعية التي تشكل جسر الوصل والاتصال والتوازن الطبيعي بين النخبة والبروليتاريا.

لقد حافظت البروليتاريا العمالية في المجتمعات العربية والإسلامية على هدوئها وحلفها القسري مع النخبة البورجوازية الجديدة، خوفاً على عملها في عصر التسريح الوحشي، وتحسباً لخطر البروليتاريا الدينية التي راحت تتمرد شيئاً فشيئاً ضد النظامين المحلي والعالمي. الواقع أن الود مفقود بين النقابية العمالية والمرجعيات الدينية التقليدية والمتسيسة، ليس بسبب الآيديولوجيا فحسب، وإنما لأن التنظيمات الدينية حالفت، كما في الجزائر مثلا، البروليتاريا العاطلة عن العمل، ووفرت لها فرصاً في الاقتصاد الأسود، اقتصاد التهريب. وفي الأردن، فالنخبة الحاكمة التي كانت حليفة للبورجوازية الدينية لعدة عقود، تتجه الآن إلى تسييس البروليتاريا العمالية النقابية لتقف سداً في وجه المد الأصولي المتمرد على حلفه الطويل مع السلطة.

كل هذه البدائل هي من قبيل المسكنات والمهدئات التي لا تفيد في علاج مرض اجتماعي بات خطيراً ومزمناً: غياب أو تغييب الطبقة الوسطى.

لكن لماذا الطبقة الوسطى بالذات؟

لا أستعير الفرز الماركسي للطبقات في المجتمع، لتسعير وتأجيج الصراع الاجتماعي الطبقي، وللدعوة إلى اعتماد الثورة الدموية طريقاً للتغيير، إنما لأن التفسير الماركسي ما زال يقدم المفتاح لفهم حركة المجتمع. لقد أصاب ماركس في الفرز والتفسير، لكنه أخطأ هو وتلامذته، على ما يبدو، في الرهان الدموي على طبقة البروليتاريا. ففي التطبيق، أثبتت البروليتاريا فقرها في الخيال والإبداع وتخلفها في الإنتاج. ولم تصل إلى المجتمع الشيوعي المثالي، المجتمع الخالي من الطبقات، أو المجتمع المؤلف من طبقة واحدة، طبقة البروليتاريا.

بل أدى التطبيق الماركسي في روسيا وأوروبا الشرقية، والآن في الصين، إلى نشوء طبقة وسطى عريضة، طبقة مستقرة في عملها ومعاشها وسكنها ومدرستها وتقاعدها وربما أيضاً في سيارتها. هذه الطبقة هي التي فرضت في النهاية قيمها في الحرية الثقافية والسياسية على القمة البيروقراطية المتحكمة وعلى الطبقة البروليتارية والحزبية المترهلة وغير المنتجة في شركات الدولة ومصانعها. وازدهار الطبقة الوسطى في المجتمع الصناعي الغربي هو الذي يفرض اليوم نوعاً من الاستقرار الاجتماعي والسلام المدني.

المجتمع العربي والإسلامي بحاجة إلى استعادة هذه الطبقة. هذا الكلام موجه إلى النخب البورجوازية الحاكمة والمسيطرة قبل فوات الأوان، قبل اكتساح حركات الأصولية المتطرفة المجتمعات الإسلامية. ولا بد من الكف عن التدمير المنظم للنسيج الاجتماعي الضامن للاستقرار والسلام في المجتمع. فاغتيال الطبقة الوسطى هو الذي خلق ويخلق الفراغ الكبير الذي ملأته في الماضي الحركات الثورية الغوغائية، وتحاول أن تملأه اليوم حركات العنف والإرهاب الأصولية.

لكي أكون أكثر وضوحاً في استخدام مفردة «الطبقة الوسطى» على أساس غير آيديولوجي صراعي أو دموي، أقول إن الطبقة الوسطى تعني سكان المدن من أصحاب الدخل المحدود: موظفين وتجار الأسواق والحرفيين والمهنيين كالمحامين والصحافيين والتكنوقراط من علماء وصيادلة وأطباء ومهندسين.. هؤلاء جميعا تم تهميشهم من خلال احتكار النخبة للثروة، وتخفيض دخلهم وانهيار قوتهم الشرائية نتيجة للاحتكار والفساد والجمود واللامبالاة.

الطبقة الوسطى هي الشريحة الاجتماعية المعنية بالانسجام الاجتماعي والرافضة للتطرف والعنف والثورة، من خلال وعيها وتعقلها واعتدالها، والأهم من خلال انفتاحها وتسامحها اللذين يحولان دون سيطرة احتكار النخبة للمال والسياسة، ودون اتجاه المجتمع نحو عنف الانغلاق وقبوله لغوغائية الدعوة للتطرف والغلو في الانتماء الفكري.

لا بد من العودة إلى إشاعة القيم الثقافية والفكرية للطبقة الوسطى: التفاني في العمل، فضائل العائلة، التضامن الاجتماعي، التنوع الثقافي، الانفتاح على ثقافات العالم، وتسخير علومه وتقنياته المستوردة، لا للانتقام منه وتدميره، وإنما للمشاركة معه في تقويم سلوكه وتأصيل مسيرته الحضارية على أساس إنساني.

لقد أشاعت الآيديولوجيات الشمولية الاعتقاد بأن الطبقة الوسطى شريحة من شرائح البورجوازية المستغلة. وكان الغرض دمغ أي تطلع أو أي دفاع أو دعوة لتبني قيم الطبقة الوسطى في التنوع والحرية والديمقراطية، وكأنه دفاع عن النخبة ولتمكينها من السيطرة.

وقد استغلت النخبة في المجتمع الإسلامي والعربي هذا الادعاء الشمولي الزائف لتغييب فضائل وقيم الطبقة الوسطى، قيم الحرية السياسية والثقافية. وكانت النتيجة اتجاها اجتماعيا جارفا ومتهورا من آيديولوجيا شمولية دموية إلى آيديولوجيا غيبية أثبتت التجربة في إيران والسودان وأفغانستان عجزها عن تقديم حلول حقيقية لأجيال جديدة تتوق للإمساك بأقدارها بأيديها وبكامل حريتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mrnet.keuf.net
 
غياب الطبقة الوسطى يهز الاستقرار الاجتماعي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الماركسيات-
انتقل الى: