هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 العدالة الاجتماعية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 150
تاريخ التسجيل : 03/01/2008

العدالة الاجتماعية Empty
مُساهمةموضوع: العدالة الاجتماعية   العدالة الاجتماعية Icon_minitimeالأربعاء يناير 09, 2008 9:11 am

(51)
رأي المدرسة الماركسية
(مدرسة الصراع الطبقي)

ويرى رواد هذه المدرسة التي تعتقد بحتمية الصراع الاجتماعي ، ان المنافسة عامل حاسم من عوامل بناء تركيبة المجتمع الاقتصادية والسياسية ، وان الصراع الطبقي نتيجة حتمية لانعدام العدالة الاجتماعية ؛ لان سبب انعدام العدالة ـ حسب رأي رائد هذه المدرسة (كارل ماركس) ـ يعود الى ان تراكم الثروة عند افراد الطبقة الرأسمالية هو الذي ساهم في تصميم شكل القوة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يسيطر بها هؤلاء على مصير الطبقات الاجتماعية الاخرى (1). ولا شك ان صراع الطبقات هو المفتاح الرئيسي للتغيير الاجتماعي ؛ فكل طبقة حاكمة متنعمة باموال المحرومين سيطاح بها حتماً ـ حسب زعم ماركس ـ عن طريق الطبقة المحكومة ؛ فتصبح الطبقة المحكومة ـ عندئذ ـ طبقة حاكمة. وهكذا تعيد هذه العملية نفسها حتى الصراع النهائي بين الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية في المجتمع الصناعي. وهذا الصراع بين الطبقة العاملة والنظام الرأسمالي سيؤدي الى إضمحلال دور النظام الرأسمالي في المجتمع الانساني ، بسبب فساد هذا النظام القائم على اساس المنافسة الباطلة ضمن الطبقة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (كارل ماركس). المخطوطات السياسية والاقتصادية لعام 1844 م. نيويورك : الناشرون الدوليّون ، 1964 م.


--------------------------------------------------------------------------------

(52)
العليا التي تمتلك جميع وسائل الانتاج الصناعي والزراعي ، وسيختفي دور الطبقة المتوسطة لينفتح المجال للطبقة العاملة المحرومة بالثورة على النظام القائم. وعلى انقاض النظام الرأسمالي ستنشئ الطبقة العاملة المجتمع الاشتراكي الجديد ، حيث تتحول ملكية وسائل الانتاج والتوزيع من ايدي الرأسماليين الى ايادي الجماهير ، فيعم الخير جميع افراد النظام الاجتماعي. وبعد ذلك يقوم المجتمع الاشتراكي بدوره بانشاء المجتمع الشيوعي ، فتختفي ـ حينئذ ـ كل معالم الظلم الاجتماعي ، والاغتراب ، والصراع ، والاضطهاد الانساني.


نقد رأي المدرسة الماركسية

ومع ان فكرة مدرسة الصراع الطبقي لها مبرراتها الخاصة في ادانة الطبقة الرأسمالية الاوروبية في القرن التاسع عشر ، الا ان تحليلها يعجز عن تحديد هوية الطبقات الاجتماعية المختلفة في التاريخ. حيث تقتصر نظرتها على رؤية طبقتين فقط ؛ هما : طبقة العمال وهي الطبقة المستعبَدة ، وطبقة الرأسماليين وهي الطبقة المستعبِدة. ولمّا كانت الطبقة العمّاليّة تنتج بعرقها وجهدها ثروة زائدة تفيض عن حاجات المنتجين الاساسية ، اصبح هم الطبقة الرأسمالية ـ حينئذ ـ تجميع الثروة الفائضة من الانتاج الاجتماعي الكلي. وهذا الاسلوب الرأسمالي في العمل هو الذي انتج تراكماً للثروة في طبقة ، وحرماناً لها في طبقة اخرى. وبذلك اصبحت الثروة الفائضة وجشع


--------------------------------------------------------------------------------

(53)
الطبقة الرأسمالية مصدراً من مصادر انعدام العدالة الاجتماعية (1). وهذا المنطق في طبيعته ينسجم مع ظلم الفكرة الرأسمالية ، ولكن الفكرة الماركسية لم تصف لنا وضع الافراد العاملين في الخدمات الاجتماعية كالتعليم والطب والقضاء والشرطة ، ولم تضعهم ضمن أيّة طبقة اجتماعية. فهؤلاء لا يعملون لخدمة الطبقة الرأسمالية ولا يبذلون جهدهم ولا يعتصرون عرقهم من اجل الانتاج ، بل ان نشاطهم المهني منصبّ بشكل اساسي في مجال الخدمات الاجتماعية. ومهن كالتعليم والطّبّ والقضاء امتهنها الانسان منذ فجر التاريخ الانساني ، فكيف يستطيع الفرد الرأسمالي السيطرة على جهود هؤلاء المهنيين في الوقت الذي يمكنهم فيه فرض اجوراً عالية على الزبائن الرأسماليين انفسهم ؟ وكيف تستطيع الرأسمالية السيطرة على اجور عمل القضاة وعلماء الكيمياء والصيدلة مثلاً ؟ فالمعلم ـ وعن طريق اتحاده المهني ـ يستطيع ان يفرض اجورا عالية على تعليمه ابناء النظام الاجتماعي ، والقاضي في النظام الرأسمالي يقبض اجوراً من افراد الطبقتين عن طري واردات الضريبة الحكومية. فاين موقع هؤلاء الافراد في الصراع الاجتماعي ؟ وهل يصح تصنيفهم ضمن الطبقة الرأسمالية او الطبقة العمالية ؟ هنا تعجز النظرية الماركسية في الاجابة على هذا السؤال.
وهذا العجز والفشل ليس الاول الذي منيت به الفكرة الماركسية ، بل ان فشلها الرئيسي تمثل في عجزها عن التنبؤ بظهور طبقة وسطى في المجتمع الرأسمالي ؛ وان افراد هذه الطبقة لا يعملون بالضرورة ضمن توجه الطبقة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (آنتوني اوبرشال). الصراع الاجتماعي والحركات الاجتماعية. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، 1973 م.


--------------------------------------------------------------------------------

(54)
الرأسمالية وخدمة مصالحها. فاساتذة الجامعات ، والعاملون في الحقول الطبية من بحوث وتطبيب وتمريض ، والعاملون في خدمات النقل البري والجوي والبحري يعملون اما على اساس الدخل الشخصي او يعملون كموظفين لشركات كبيرة مملوكة من قبل افراد عديدين عن طريق الاسهم والسندات. بل ان الكثير من العمال هم في الواقع افراد من ذوي المهن الحرة ، الفردية الاتجاه (1) ، كالبقالة والحلاقة وتصليح وسائل النقل وبيع المنتوجات الزراعية والصناعية ونحوها. ولا ينتقل فائض الثروة التي ينتجها هؤلاء الافراد الى يد الطبقة الرأسمالية بل يذهب هذا الفائض الى منفعة نفس العمال ومصلحتهم مباشرة.
أمّا ملكية وسائل الانتاج التي تتحدث عنها النظرية الماركسية فانها وان كانت موجودة في عالم اليوم ، الا ان العديد من هذه المؤسسات الصناعية الكبيرة تقع تحت ملكية الألوف من اصحاب الاسهم والسندات ، وتدار من قبل موظفين يتقاضون اجوراً معينة على جهدهم وعملهم (2). وفي نهاية المطاف ، توزع ارباح هذه المؤسسات على الاسهم ومالكيها بالتساوي. فتراكم الثروة في هذه المؤسسات اذن ، يختلف اليوم عما كان عليه الوضع الاقتصادي في القرن التاسع عشر. فملكية وسائل الانتاج تختلف حتماً عن السيطرة على وسائل الانتاج. فاين يضع (ماركس) هذه الطبقة الجديدة من مدراء الشركات ، وعلماء المختبرات ، والمحاسبين الذين يتقاضون اجوراً كبيرة على اعمالهم ولكنهم لا يسيطرون على وسائل الانتاج ؟ وماذا يقول
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (بيتر بلاو). السلطة والتبادل في الحياة الاجتماعية. نيويورك : وايلي ، 1964 م.
(2) (دوناد ترايمان). الوظائف الرفيعة في دراسة مقارنة. نيويورك : المطبعة الآكاديمية ، 1977 م.


--------------------------------------------------------------------------------

(55)
(ماركس) عن موقع الطبقة الوسطى في الصراع الاجتماعي ودورها بالثورة على النظام الرأسمالي الحاكم ؟
هنا ، تحتاج النظرية الماركسية الى اعادة نظر في منهجها الفكري العام. فبروز دور الطبقة الوسطى في الصراع الاجتماعي ، جعل تنبؤ الماركسية بحتمية الصراع الطبقي بين الرأسمالية والبروليتاريا ، مجرد وهم لا يستند على واقع موضوعي. وظهور فكرة شراء الأسهم والسندات من قبل مختلف الافراد لوسائل الانتاج العملاقة ، ساهم في ضرب الفكرة الماركسية ايضا ؛ لان السيطرة على جزء من وسائل الانتاج اصبحت بيد افراد الطبقة الوسطى ، وليست بيد الطبقة الرأسمالية كما كانت تؤكد عليه نظرية (ماركس).
وهذا الاخفاق في تحديد هوية الطبقات الاجتماعية جعل النظرية الماركسية تحتضر وهي تعيش ايامها الاخيرة وعاجزة عن تفسير معنى انعدام العدالة بين الطبقات الاجتماعية ، معترفة ان حتمية الصراع الاجتماعي التي كانت تنادي بها اصبحت مجرد فكرة نظرية ، ليست لها قيمة عملية خصوصا بعد بروز الطبقة الوسطى كطبقة لها دورها المهم في المجتمع الرأسمالي.


--------------------------------------------------------------------------------

(56)
رأي المدرسـة التـلفـيقـية (التوفـيقـية ـ الماركسيـة)
ولما كان موقف المدرستين التوفيقية والماركسية بخصوص تحليل منشأ انعدام العدالة الاجتماعية واضح الضعف ، قصير النظر ، في فهم المشكلة الاجتماعية ، فقد طفت على سطح الفكر الاوروبي تيارات معاصرة حاولت الجمع والتلفيق بين آراء المدستين ، والخروج بمنهج موحد لمعالجة مشكلة انعدام العدالة الاجتماعية. حيث آمن هذا الاتجاه الجديد (1) بصواب رأي المدرسة التوفيقية القائل بان المجتمع لايمكن ان يحيا بصورة طبيعية ما لم تتم مقابلة حاجات المجتمع الاساسية من الخبرات وغيرها بالادوار التي يتطلبها. وعلى ضوء مقابلة تلك الحاجات مع الادوار المختلفة ، فقد اختلفت قيمة المكافآت الاجتماعية للعمال والخبراء. ثم زعم بصواب رأي المدرسة الماركسية التي تقول بحتمية الصراع الاجتماعي للمحافظة على ديناميكية المجتمع الانساني ، باعتبار ان توفر الخيرات بشكل يفيض عن حاجة المجتمع ، سيؤدي حتماً الى التنافس والصراع الاجتماعي. ولما كان المجتمع يتطور بصورة دائمية فان انعدام العدالة سيتناسب مع حجم الثروة التي سينتجها المجتمع ، فاذا كانت الثروة كبيرة اصبحت الهوة بين الطبقة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (جيرهارد لنسكي). القوة والامتيازات : نظرية في انعدام العدالة الاجتماعية. نيويورك : ماكرو ـ هيل ، 1966 م.


--------------------------------------------------------------------------------

(57)
المحرومة والطبقة الغنية اوسع واكبر. واذا كانت الثروة الفائضة قليلة فسيكون التفاوت بين الطبقات اقل. فالمجتمعات البدائية التي كانت تفتقر الى الثروات ، كانت تسودها العدالة الاجتماعية ؛ لان التنافس في تلك المجتمعات كان معدوماً ، بسبب عدم توفر الثروة المالية. اما في المجتمعات المتطورة فان وسائل الانتاج العملاقة وادرار الثروة هي التي خلقت جواً من الطمع والجشع الانساني الذي ادى الى سوء توزيع هذه الثروة بين افراد الطبقات الاجتماعية.


نقد رأي المدرسة التوفيقية ـ الماركسية
ذكرنا في نقد موقف المدرسة التوفيقية ان المكافآت الاجتماعية التي يبشر بها المذهب التوفيقي لا تتناسب ـ في اغلب الاحيان ـ مع الأدوار التي يقوم بها الافراد في المجتمع الانساني ، مما يؤدي الى سوء توزيع الثروة الاجتماعية ، ويمهد الطريق لخلق طبقات ثرية متخمة واخرى فقيرة معدمة. اما التنافس والصراع الذي اشارت اليه المدرسة الماركسية ، فسببه بالاصل انعدام الوازع الاخلاقي. فاذا ما وجد ذلك الوازع الاخلاقي الذي يتحسس لآلام المعذبين ، اصبح التنافس الاقتصادي عملية يقوم بها الفرد من اجل التكامل الاجتماعي لا مجرد تكديس الاموال.
وزيادة الثروة في المجتمع ، ليست بالضرورة عاملا من عوامل نشر


--------------------------------------------------------------------------------

(58)
الظلم والحرمان الاجتماعي ، فزيادة الثروة وحسن وعدالة توزيعها تؤدي الى رخاء اجتماعي يساهم في رفع الحيف عن المظلومين والمحرومين ؛ لان العدالة الاجتماعية ترتبط في الاصل بنظام يساهم في توزيع عادل للثروة ، ولا يرتبط بالزيادة المالية نفسها. وهناك شواهد تاريخية عديدة تؤكد صدق هذا الرأي ، كما ورد في كتب التاريخ عن رجوع الصدقات الى بيت المال في صدر الاسلام ؛ لان الثروة المالية انتشرت عن طريق التوزيع بين عدد كبير من الافراد ولم تتكدس بايدي جماعة محدودة العدد.
ولاشك ان زعم الفكرة التوفيقية القائل بانه لا حياة للمجتمع الرأسمالي ما لم تتم فيه مقابلة حاجاته الاساسية من الخبرات بالادوار التي يتطلبها ذلك المجتمع لا يتطابق تطابقاً تاماً مع الحقيقة. فالتمييز العنصري القائم على اساس المنشأ واللون والدين الذي كان يمارسه المجتمع الصناعي في القرن التاسع عشر يفند هذا الادعاء. فقد كان الافراد البيض يرفضون استلام العلاج من طبيب اسود مثلاً ، بسبب لون بشرته (1) ، فكيف تقابل اذن ـ حسب ادعاء النظرية التوفيقية ـ حاجات المجتمع الاساسية مع الادوار الاجتماعية ، عن طريق استخدام قاعدة التمييز بين الافراد على اساس اللون والمنشأ والدين ؟ وفي دول كثيرة من العالم ، لا يشغل السياسي الكفوء محله الطبيعي في الحكم والادارة بسبب معارضته للنظام السياسي. فكيف تفسر هذه المدرسة ، مقابلة حاجات المجتمع الاساسية مع الادوار المطلوبة في هذا
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (رالف داريندورف). الطبقة والصراع الطبقي في المجتمع الصناعي. بيركلي ، كاليفورنيا : مطبعة جامعة ستانفورد ، 1959 م.


--------------------------------------------------------------------------------

(59)
المثال ؟ بل كيف تفسر هذه المدرسة فارق الاجور بين الرجال والنساء في النظام الرأسمالي اليوم ، مع ان كل منهما يستطيع سد الشواغر الاجتماعية التي يحتاجها المجتمع بكل كفاءة (1) ؟ أليس هذا الفارق في الاجور تناقضاً واضحاً للفكرة التوفيقية القائلة بان الاجر يجب ان يتناسب مع منفعة العمل للنظام الاجتماعي ؟ أليس عمل المرأة في الطب يدر نفعاً اجتماعياً مشابهاً لعمل الرجل في نفس الاختصاص ؟ اذن لماذا تختلف اجور الرجل عن اجور المرأة لنفس المهنة النافعة للنظام الاجتماعي ؟
وهذه التساؤلات المهمة التي عجزت النظرية التوفيقية ـ الماركسية عن الاجابة عليها ، وضعت تلك النظرية في موقف لا تحسد عليه. فالنظرية تؤيد ايجابيات الماركسية وتتحمس بقوة للنظام الاجتماعي الرأسمالي ، وتعتبر مؤسساته المختلفة متضافرة من اجل الانسجام الاجتماعي ، ولكنها تقف حائرة امام التناقضات الفكرية والمبدأية التي يعاني منها ذلك النظام. وهذا الخلل يعتبر من اهم نقاط ضعف هذه النظرية.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (دوناد ترايمان) و (هيدي هارتمان). النساء ، العمل ، والاجور ، واشنطن دي سي : الاكاديمية القومية للعلوم ، 1981 م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mrnet.keuf.net
 
العدالة الاجتماعية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الماركسيات-
انتقل الى: